الأحد، ١٥ أغسطس ٢٠١٠

عالم كأس العالم - مانديلا



كرة القدم .. المختلفة كليا عن أي رياضة أخرى، فالجميع يعرف قوانينها ويعرف طقوسها ويعرف تعلق الملايين بها على اختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم واهتماماتهم .. في عالمنا اليوم هي ليست مجرد لعبة بل تتعدى ذلك لتصل إلى كونها لغة اجتماعية واقتصادية وسياسية ولن أبالغ إن جعلت من خططها وأساليبها مثالا لواقع الحياة التي نعيشها، فنحن في حياتنا هذه نتحرك في ملعب كبير .. نخطط .. نمرر .. نقتنص الفرص سعيا لتحقيق أهدافنا .. نشارك كلاعب أساسي في وظائفنا وبين أهلنا وأصدقائنا وأحيانا نختار أو يختار أحدهم لإجلاسنا على مقاعد البدلاء لتعطى الفرصة لغيرنا للمشاركة بدور أكبر في وظيفة أو مهمة ما .. ولا تنتهي مباراتنا إلا بنهاية لعبة الحياة ليقيم أدائنا بها سلبا أو إيجابا قياسا على ما حققناه من نجاحات وأهداف .. واللافت في هذه المستديرة أنها تعتمد على أداء جماعي فمهما كانت لديك المهارات فلن تستطيع الفوز وتحقيق هدفك إلا بالتعاون مع الاخرين
الأمر الذي يعد مهارة بحد ذاته وعامل أساسي في النجاح وتحقيق الأهداف ..


أنه تأثير الساحرة المستديرة الذي كما ذكرت يتخطى ويتعدى ويتحدى كل الحدود والقيود .. حدود السياسة وقيود الثقافة ليجمع العالم بأسره رغم اختلاف أطيافه في بلاد القوس قزح ..

بالأمس انطلقت كرة العالم في جنوب افريقيا .. لأول مرة في القارة السمراء، كنت انتظر افتتاح هذه البطولة فقط لأنظر إلى أعين أحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة في جنوب إفريقيا .. لأعين زعيم ترسم ابتسامته معاناة ونضال سجن لأكثر من ربع قرن بتهمة قلب نظام الحكم الأبيض بقوة السلاح .. حكم صدر حينها بالسجن المؤبد من قبل نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا (الأبارتيت) عام 1964 ليصبح اثناء فترة سجنه رمزا دوليا للكفاح ضد العنصرية والفصل العنصري وفي حياته رمز للحرية والتحرر من كل أنظمة القهر والعدوان والعنصرية..نعم إنه نيلسون مانديلا ولست هنا في مقام سرد حياته وقصته ومواقفه التي يشهد ويستشهد بها الجميع بأنها كانت وراء إحداث تغييرات جذرية في بلاده ليكون اللاعب الأساسي الذي رسم الهدف وضل يحث الخطى إلى أن أحرزه باحترافية عالية بشهادة الجميع .. نيلسون مانديلا الذي ساهم أيضا في استضافة بلاده لهذا العرس الكروي ليحقق حلم الملايين في بلاده وقارته السمراء .. نيلسون مانديلا الذي إن حضر يقف الجميع له وقفة احترام وتقدير وإن تحدث ينصت الجميع لأحرفه وكلماته .. وإن غاب يفتقده ويسأل عن غيابه كل الحضور ..

غاب مانديلا عن افتتاحية المونديال وأرجو كما يرجو الملايين من عشاقه وعشاق المستديرة ألا يغيب عن ختامها قبل رحيله ليتوج هذا الحلم الذي بات واقعا سيعيشه ونعيشه طيلة شهر كامل ببصمة الحرية الخالصة التي ستعطي صاحب اللقب أيا كان لقبا اخر من يد هذا الزعيم العاشق لتتويج الحرية في كل بقعة من عالم كأس العالم ..



إبراهيم خضرة
11-06-2010

ليست هناك تعليقات: