السبت، ٢٨ أغسطس ٢٠١٠

في الذكرى 23 لإستشهاد رسام الكاريكاتير العربي الفلسطيني ناجي العلي : لازال الجرح ينزف و لازال حنظلة مكتف اليدين


ناجي سليم حسين العلي (1937 إلى 29 اغسطس 1987)، رسام كاريكاتير فلسطيني، تميز بالنقد اللاذع في رسومه، ويعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين. له أربعون ألف رسم كاريكاتوري، اغتاله شخص مجهول في لندن عام 1987. قام الفنان نور الشريف بعمل فيلم له باسم ناجي العلي أثار ضجة في وقتها وطالب بعض المحسوبين على الحكومة المصرية بمنع الفيلم، بسبب انتقاده للنظام المصري.


سيرته الذاتية

ولد في قرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، بعد قيام الكيان الصهيوني هاجر مع أهله عام 1948 إلى جنوب لبنان وعاش في مخيم عين الحلوة، ثم هجر من هناك وهو في العاشرة، ومن ذلك الحين لم يعرف الاستقرار أبدا، فبعد أن مكث مع أسرته في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان اعتقلته القوات الإسرائيلية وهو صبي لنشاطاته المعادية للاحتلال، فقضى أغلب وقته داخل الزنزانة يرسم على جدرانها. وكذلك قام الجيش اللبناني باعتقاله أكثر من مرة وكان هناك أيضاً يرسم على جدران السجن. سافر إلى طرابلس ونال منها على شهادة ميكانيكا السيارات. تزوج من وداد صالح نصر من بلدة صفورية الفلسطينة وأنجب منها أربعة أولاد هم خالد وأسامة وليال وحسنية.

حنظلة


حنظلة شخصية ابتدعها ناجي العلي تمثل صبياً في العاشرة من عمره، ظهر رسم حنظلة في الكويت عام 1969 في جريدة السياسة الكويتية، أدار ظهره في سنوات ما بعد 1973 وعقد يداه خلف ظهره، وأصبح حنظلة بمثابة توقيع ناجي العلي على رسوماته. لقي هذا الرسم وصاحبه حب الجماهير العربية كلها وخاصة الفلسطينية لأن حنظلة هو رمز للفلسطيني المعذب والقوي رغم كل الصعاب التي توجهه فهو دائر ظهره للعدو.
ولد حنظلة في 5 حزيران 1967، ويقول ناجي العلي بأن حنظلة هو بمثابة الأيقونة التي تمثل الانهزام والضعف في الأنظمة العربية.

مقولات لناجي العلي

  • اللي بدو يكتب لفلسطين, واللي بدو يرسم لفلسطين, بدو يعرف حالو: ميت.
  • هكذا أفهم الصراع: أن نصلب قاماتنا كالرماح ولا نتعب.
  • الطريق إلى فلسطين ليست بالبعيدة ولا بالقريبة, إنها بمسافة الثورة.
  • متهم بالإنحياز, وهي تهمة لاأنفيها, أنا منحاز لمن هم "تحت".
  • أن نكون أو لا نكون, التحدي قائم والمسؤولية تاريخية.
وعن حنطلة يقول ناجي:

ولد حنظلة في العاشرة في عمره وسيظل دائما في العاشرة من عمره، ففي تلك السن غادر فلسطين وحين يعود حنظلة إلى فلسطين سيكون بعد في العاشرة ثم يبدأ في الكبر، فقوانين الطبيعة لا تنطبق عليه لأنه استثناء، كما هو فقدان الوطن استثناء. واما عن سبب تكتيف يديه فيقول ناجي العلي: كتفته بعد حرب أكتوبر 1973 لأن المنطقة كانت تشهد عملية تطويع وتطبيع شاملة، وهنا كان تكتيف الطفل دلالة على رفضه المشاركة في حلول التسوية الأمريكية في المنطقة، فهو ثائر وليس مطبع.

وعندما سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته.


اغتيال الشهيد ناجي العلي
يكتنف الغموض اغتيال ناجي العلي فقد اطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي في لندن بتاريخ 22 يوليو عام 1987 فاصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 اغسطس 1987، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.



دفن الشهيد ناجي العلي في مقبرة بروك وود الإسلامية في لندن وقبره يحمل الرقم 230191. وأصبح حنظلة رمزاً للصمود والإعتراض على ما يحدث وبقي بعد ناجي العلي ليذكّر الناس بناجي العلي


اقرأ المزيد: فليـبـيديا: في الذكرى 23 لإستشهاد رسام الكاريكاتير العربي الفلسطيني ناجي العلي : لازال الجرح ينزف و لازال حنظلة مكتف اليدين

الأحد، ١٥ أغسطس ٢٠١٠

عالم كأس العالم - مانديلا



كرة القدم .. المختلفة كليا عن أي رياضة أخرى، فالجميع يعرف قوانينها ويعرف طقوسها ويعرف تعلق الملايين بها على اختلاف ثقافاتهم وتوجهاتهم واهتماماتهم .. في عالمنا اليوم هي ليست مجرد لعبة بل تتعدى ذلك لتصل إلى كونها لغة اجتماعية واقتصادية وسياسية ولن أبالغ إن جعلت من خططها وأساليبها مثالا لواقع الحياة التي نعيشها، فنحن في حياتنا هذه نتحرك في ملعب كبير .. نخطط .. نمرر .. نقتنص الفرص سعيا لتحقيق أهدافنا .. نشارك كلاعب أساسي في وظائفنا وبين أهلنا وأصدقائنا وأحيانا نختار أو يختار أحدهم لإجلاسنا على مقاعد البدلاء لتعطى الفرصة لغيرنا للمشاركة بدور أكبر في وظيفة أو مهمة ما .. ولا تنتهي مباراتنا إلا بنهاية لعبة الحياة ليقيم أدائنا بها سلبا أو إيجابا قياسا على ما حققناه من نجاحات وأهداف .. واللافت في هذه المستديرة أنها تعتمد على أداء جماعي فمهما كانت لديك المهارات فلن تستطيع الفوز وتحقيق هدفك إلا بالتعاون مع الاخرين
الأمر الذي يعد مهارة بحد ذاته وعامل أساسي في النجاح وتحقيق الأهداف ..


أنه تأثير الساحرة المستديرة الذي كما ذكرت يتخطى ويتعدى ويتحدى كل الحدود والقيود .. حدود السياسة وقيود الثقافة ليجمع العالم بأسره رغم اختلاف أطيافه في بلاد القوس قزح ..

بالأمس انطلقت كرة العالم في جنوب افريقيا .. لأول مرة في القارة السمراء، كنت انتظر افتتاح هذه البطولة فقط لأنظر إلى أعين أحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة في جنوب إفريقيا .. لأعين زعيم ترسم ابتسامته معاناة ونضال سجن لأكثر من ربع قرن بتهمة قلب نظام الحكم الأبيض بقوة السلاح .. حكم صدر حينها بالسجن المؤبد من قبل نظام الفصل العنصري السابق في جنوب افريقيا (الأبارتيت) عام 1964 ليصبح اثناء فترة سجنه رمزا دوليا للكفاح ضد العنصرية والفصل العنصري وفي حياته رمز للحرية والتحرر من كل أنظمة القهر والعدوان والعنصرية..نعم إنه نيلسون مانديلا ولست هنا في مقام سرد حياته وقصته ومواقفه التي يشهد ويستشهد بها الجميع بأنها كانت وراء إحداث تغييرات جذرية في بلاده ليكون اللاعب الأساسي الذي رسم الهدف وضل يحث الخطى إلى أن أحرزه باحترافية عالية بشهادة الجميع .. نيلسون مانديلا الذي ساهم أيضا في استضافة بلاده لهذا العرس الكروي ليحقق حلم الملايين في بلاده وقارته السمراء .. نيلسون مانديلا الذي إن حضر يقف الجميع له وقفة احترام وتقدير وإن تحدث ينصت الجميع لأحرفه وكلماته .. وإن غاب يفتقده ويسأل عن غيابه كل الحضور ..

غاب مانديلا عن افتتاحية المونديال وأرجو كما يرجو الملايين من عشاقه وعشاق المستديرة ألا يغيب عن ختامها قبل رحيله ليتوج هذا الحلم الذي بات واقعا سيعيشه ونعيشه طيلة شهر كامل ببصمة الحرية الخالصة التي ستعطي صاحب اللقب أيا كان لقبا اخر من يد هذا الزعيم العاشق لتتويج الحرية في كل بقعة من عالم كأس العالم ..



إبراهيم خضرة
11-06-2010

في ذكرى مجازر غزة ..

لم أكن هنا في غزة في مثل هذه الأيام من العام الماضي ولم أشهد مجازر الاحتلال التي بدأت في مثل هذا اليوم السابع والعشرين من شهر ديسمبر .. لكنني هنا الان في الذكرى الأولى لتلك المجازر التي شاء الله أن أكون شاهدا على صورها وقصص من عايشوها فأرخيت أذني كثيرا واستمعت لصيحات و ويلات عاشها أهلنا هنا بكل ألم وأطلقت عيني لترصد ركام صواريخ وقذائف مضى عليها عام لكن أهل غزة ما زالوا يعيشون على وقعها وركامها حتى يومنا هذا .. لن تنسى غزة تلك المشاهد التي رصدتها عدسة الكاميرات أو عيون البشر وستبقى تلك الذاكرة المؤلمة تدق أبوابنا على مر السنين و تحدثنا بها ألسنتنا لأجيال قادمة .. لكن الذكرى وحدها لا ولن تكفي لتضميد تلك الجراح والوقوف من جديد ومحاسبة أنفسنا أولا قبل أن نحاسب من لا نستطيع محاسبتهم ممن لطخوا أيديهم بدمائنا، وسنبقى بذلك دوما نترك للاحتلال مساحة يبرأ نفسه من خلالها أمام مجتمع دولي لا يرحم ..
لنبتعد ولو قليلا عن عواطفنا حتى نتمكن من تسخير عقولنا في التفكير نحو الأمام لمصلحة شعبنا ومن نحب، فمصائبنا تأتي دوما عندما نفكر بالعواطف والأحاسيس ونلغي العقول وعلى العكس دوما ينجح الاحتلال في تنفيذ مشاريعه ومخططاته لأنهم يعرفون جيدا كيف يستخدمون عقولهم لخدمة أنفسهم وأجندتهم في المنطقة، ولو نظرنا لواقعنا و واقع سياساتنا وأداء قياداتنا عموما نجد أنها تصب جميعا في مصلحة أعدائنا وكأن المواطن العربي والفلسطيني تحديدا حكم عليه بطمس عقله تماما واستخدامه أداة فقط لتنفيذ مصالح حزبية ضيقة بحثا عن لقمة العيش أو سعيا وراء شعارات لا طائل منها سوى تعبئة العواطف وتأجيجها دوما مما يسهم في إلغاء حكم العقل على كل ما نفعل واقرأوا معي بتمعن هذه النقاط السريعه :
- حالة الانقسام الحاصل في الصف الفلسطيني الذي ساهم فيه كافة الأطراف وتحديدا قيادات الصف الأول من أكبر حركتي تحرر فلسطيني .. حركة تحرير وحركة مقاومة وللاسمين مغزى واحد وهدف واحد لكن بوصلتهما انحرفت كثيرا عن الغاية الأسمى (فلسطين) لتسعى الأولى اليوم لتحرير سلطتها المسلوبة والأخرى لمقاومة أقرانها والبحث عن سلطتها المحجوبة وبات الشعب منقسما بين هذا وذاك .. وأصبحنا مشتتين يسهل كسرنا والسيطرة علينا وارتكاب المجازر بحقنا ..
- من المتعارف عليه دوما أن الطرف الأقوى في أي معادلة هو من يفرض شروطه على الطرف الاخر، لم نتعامل جيدا في مسألة الهدنة التي رفضت حكومة غزة المضي بها، بل وأعلنت ذلك في مؤتمر صحافي بات الاحتلال يستخدمه ليوضح للعالم بأسره أن الطرف الفلسطيني هم من أرادوا تلك المواجهة برفضهم للهدنه التي كان يتشدق الاحتلال برغبته باستمرارها .. وعندما نقرأ سيرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يضيء لنا الطريق بسياساته إبان عهده ونسعى دوما للسير على نهجه تطبيقا لا بالشعارات فقط نجد أنه عليه أفضل صلاة وأتم تسليم وفي حادثة صلح الحديبية التي خرج بها الرسول وأصحابه وعندما قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم التفاوض مع قريش في شأن دخول المسلمين مكة لزيارة البيت الحرام، وقال: (والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها) مما يعطي دلالة واضحه أن من يفرض خطته وشروطه الطرف الأقوى الذي كان متمثلا في قريش عندها .. ومن يقرأ في تلك الشروط التي فرضتها قريش في صلح الحديبية يجد في ظاهرها إذلالا وإجحافا بحق المسلمين مما جعل من بعض الصحابة رضوان الله عليهم ومنهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعند سماعه بهذه الشروط أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال: بلي. قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى. قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلي. قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه، فإني أشهد أنه رسول الله. قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله. _[متفق عليه]. لكننا وللأسف نرفض دوما سياسة العقل التي كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يعطينا دروسا بها في كل أفعاله وإدارته لدولة المسلمين ونحجر عقولنا بحجة أننا ملتزمون بمبادئنا ودستورنا !!
- يخوننا التفكير والتدبير دوما في سياسة استخدام وتسخير المصطلحات الإعلامية المناسبة التي نكسب من خلالها تأييدا أكبر في حال اختيارنا للمصطلحات المناسبة .. ويا ليتنا نقرأ جيدا في سيرة رسولنا الكريم المصطفى صلى الله عليه وسلم ونطبق ما جاء فيها في حاضرنا وسياساتنا، ومن الدروس المستقاة أيضا من حادثة صلح الحديبية حيث أرسلت قريش سهيل بن عمرو، وكان رجلا فصيحًا عاقلا يجيد التفاوض، وبعد الاتفاق على شروط الصلح دعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وقال له اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: اكتب باسمك اللهم. فكتبها، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو. فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك. فقال صلى الله عليه وسلم: اكتب. هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبدالله، سهيلَ بن عمرو. فرفض على أن يمحو كلمة رسول الله بعد ما كتبها، فمحاها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه. _[متفق عليه]. كل ذلك يعطينا دلالة واضحه أن القائد الذكي هو من يتقن التعامل مع اليات الصراع وموازين القوى ويجعل من المرونة لغة لعقله لتنفيذ أجندته وتحقيق مصالح رعيته ومن يرى ويقرأ ويسمع مصطلحات كحرب غزة أو انتصار الفرقان أو معركة أو ما شابه يجد توصيفا يعكس صورة معاكسة عن مجريات الواقع ..
من كان يبحث ويتحدث عن انتصار فلسطيني في تلك المجازر فنحن منتصرون دوما ومنذ عام 1948 الانتصار المعنوي بصمودنا وثباتنا على هذه الأرض .. فكل انتصار بعد كل حادثة ومجزرة اسرائيلية يسجل للشعب الفلسطيني (فقط) ومنذ ذلك التاريخ .. لكن في الواقع وفي الحكم بين إدارة اسرائيلية وإدارات فلسطينية للصراع الحالي نجد أننا نبتعد شيئا فشيئا عن مفهوم الانتصار ونقترب أكثر من معطيات الهزيمة .. وسنسير في ذات الطريق وسيرتقب الشعب هنا مجازر جديدة ويخط انتصارات جديدة (سيسجلها البعض باسمه) إن لم نحقق التغيير في أنفسنا وسياساتنا سعيا فقط لمصلحة فلسطين أولا وشعبها ..
تصبحون على وطن

إبراهيم خضرة
27 ديسمبر 2009

مصر والجزائر .. وحديث الكرة

غريب أمر كرة القدم .. هذه اللعبة التي أسرت قلوب البشر وباتت تتحكم بعلاقاتهم وانتمائاتهم بل وصلت للتأثير على بعض سياسات الدول، ولا يخفى ذلك عليكم واسألوا مصر والجزائر عن أمانيهم هذه الأيام ومستوى طموحهم وأحلامهم ..

أحد عشر لاعبا يركضون خلف مستديرة لزرعها في شباك الخصم .. خطط وتكتيكات وعناصر قوة وضعف وأوراق رابحة وخاسرة ومحطات إعلامية ترصد وتحلل وحشود جماهيرية تترقب نتيجة 90 دقيقة أو أكثر .. ضغط وأعصاب وعوطف جمة تصبها الشعوب على فرقها أملا في أحلام مستواها الوصول إلى منصات التتويج .. ثم ماذا ؟! لا شيء سوى ألقاب ..

إذا كل ذلك فقط هو فوز وإرضاء معنوي أن ترفع كأس بطولة أو تتأهل إلى بطولة عالمية يرصد أحداثها عشاق المستديرة في كافة أنحاء العالم .. فهل وصلنا إلى قمة الهرم أم لا ؟!
أي هرم وأي قمة ونحن في تراجع متواصل في كافة الميادين .. لا عيب ولا غرابة في أن تمارس الرياضة وتتابع لعبتك المفضلة وفريقك المفضل وأغلبنا يعشق كرة القدم ويهوى ممارستها أو متابعتها وأنا معكم ومنكم .. لكن العيب كل العيب أن نرفع من شأن هذه اللعبة لترتفع من مفهوم الفوز والخسارة إلى مفاهيم كالنصر والهزيمة ومن مفهوم التشجيع والتأييد إلى القومية والوطنية ومن مصطلحات كمباراة كرة قدم إلى مصطلحات أوسع كمعركة أو موقعة وكأننا في ساحات حرب لا في مساحات خضراء لممارسة رياضة نزيهة ..

هل هو الفراغ لدى الشعوب من أحدث ذلك أم أنها حالة الهوس التي تؤججها أدوات الإعلام أم هي لغة جديدة وجد منها الزعماء والقادة أداة جيدة لإلهاء شعوبهم وإسكاتهم عما يدور حولهم من أحداث أهم لا يريدون سماع أصواتهم بها .. نعم فاليوم لك كل الحق في رفع صوتك عاليا باسم فريقك الكروي والخروج بمسيرات (بلا ترخيص) واحتفالات تغلق بها الشوارع وتمارس بها كل أنواع الضجيج والصخب بلا حدود أو قيود بل وتفتح الحدود وتلغى التأشيرات أمام من يرغب من الجماهير بالوقوف مع فريقه باسم الوحدة العربية أو الوطنية الزائفة !!

نعم كل ذلك وأكثر حدث في مباراة للعبة كرة القدم بين مصر والجزائر على أرض السودان ..

- تخرج المسيرات احتفالا بالفوز بلا رقيب أو مسائلة وبلا إذن مسبق من أي جهة حكومية في البلدين وبلدان أخرى وعندما تنوي مجموعة من المتحمسين لدينهم و وطنهم للخروج بمسيرة نصرة للأقصى تقمع بشتى الطرق وتكاد لا تسمع لها صدى بحجة عدم الترخيص أو إعاقة حركة ومصالح المواطنين !!

- حتى في أرض غزة يتجمع جمهور كرة القدم المؤيد لجارتهم مصر رداً لتحية أبو تريكة لهم أو لعواطف القرب الجغرافي أو أملاًً بأن تفتح الجمهورية العربية المصرية معبر رفح احتفالا بالفوز و اهداء لتلك الجماهير .. و على أرض غزة أيضا عندما يتجمع عشرة أفراد أو أقل أو أكثر لإشعال شمعة ذكرى لرحيل قائدهم ياسر عرفات يقمعون ويمنعون خوفا من إظهار الانتماء الحزبي لدى سلطة الحزب الأوحد ..

- تعلن السلطات السودانية أنها ستمنح التأشيرات المباشرة في المطار للجماهير الجزائرية لتشجيع فريقها وإظهار التعاطف مع المواطن الذي يرغب في الوقوف مع لاعبيه، وعندما يدخل أحد الأفراد قطاع غزة لكسر حصارها ودعما لأهلها يوقف بالأيام ويحاسب حسابا عسيرا لدخوله غير الشرعي ولإخلاله بسيادة الدولة التي تقف حارسا على تلك الحدود .!

- تعلن الحكومة المصرية والجزائرية أنهم سيطلقون جسرا جويا بين بلادهم والسودان لنقل إمدادات شعبية وجماهيرية لمساندة فرقهم، وعندما تصل قافلة إمدادات لقطاع غزة وشعبها المحاصر تعاني كثيرا وتحتاج عددا كبيرا من الوساطات قد تعيقها لأشهر حتى تحصل على إذن المرور أو تتلف تلك المساعدات أو تصادر بحجة عدم الترخيص لها أو لإضرارها بالأمن القومي ..!!

- يتوحد البث التلفزيوني في عدد من فضائيات البلدين ببث مباشر يرصد ويحلل أجواء المباراة وما قبل ذلك وبعده ويطلق جيش من الإعلاميين وترسل وفود من كافة المحطات الإذاعية والتلفزيونية لتغطية هذا الحدث الإعلامي الضخم ويتم تعبئة الجماهير وتحفيزها وشحنها .. ولم نسمع عن ذلك قط عندما حاصرت الشرطة الاسرائيلية المسجد الأقصى قبل أيام أو في الذكرى الأولى أو الثانية لحصار غزة ..!!!

نعم .. كل ذلك لأجل مباراة في كرة القدم يركض فيها أحد عشر لاعبا لإدخال كرة في مرمى الخصم ويقف الملايين خلفهم مناصرين ومؤيدين وأنا منهم لكنني لم ولن أسمح لنفسي يوما بـأن أصل بهذه اللعبة لمفهوم يتعدى كونها لعبة ..


إبراهيم خضرة
18\11\2009

حكم ذوي القربى

هل هي السلطة من جعل من معاناة أهالي غزة لغة اليوم السائدة على الأرض ؟! نعم هي السلطة حتى وإن اختلفت مصطلحاتها هذه الأيام .. وإن تغيرت قياداتها في الساحة الفلسطينية ..

هذا هو السؤال وتلك الإجابة وإن سألتني عن يقيني من ذلك فلن تدركه يقينا إلا إن عشت في غزة اليوم أشهرا أو أياما أو ساعات، فواقع التجربة يضعك في قلب الحالة التي تعيشها القضية الفلسطينية بعد سنوات من النضال والالام تراجعنا بها إلى منحدرات صنعناها بأيدينا أو بأيد قادة غلبوا عصبيتهم الحزبية على مصالح شعبهم وقضيتهم الأم وقدموا خدمات يشكرون عليها من أعدائنا ومن محتلنا من حيث يعلمون أو لا يعلمون وإن كانوا يعلمون فتلك مصيبة وإن لم يعلموا فالمصيبة أعظم ..

تعاطفت كثيرا مع حركات المقاومة الفلسطينية الإسلامية منها قبل الوطنية .. لكن وللأسف الشديد لم تعد تلك الحركات كما كانت وبات قادتها بعد انخراطهم بزيف السلطة أو سلطة الزيف ينعمون بشيء من الوهم وترف السلطان الذي ألغى شيئا من مبادئ الدين الذي يتشدقون به ليل نهار أو سمات القيادة الحكيمة التي خطها من سبق وباعها بثمن بخس من لحق .. وبقي منهم رجال اختاروا عدم تلطيخ سجلهم بشيئ مما قيل ويقال ونعتوا بعد ذلك بالخارجين عن الصف الوطني أو المرتدين أو أوصاف ستعرفها إن كنت من أهل غزة فقط ..

لن أغض الطرف هنا عن كل مؤامرة حيكت على أي طرف من قريب أو بعيد .. أعلم جيدا أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند ولن أخوض في اسطوانة (الاحتلال هو السبب) أو نظرية المؤامرة الشهيرة التي نسمعها كثيرا عبر شاشات الفضائيات .. كل ذلك لا يخفى على أحد لكني أعلم أيضا أن من أراد أن يخوض في لعبة السياسة عليه أن يتحلى بشيء من المسئولية أولاً والخوف على مصالح شعب كامل يرزخ تحت احتلال لا ينتهي وتتجدد أشكاله في حالتنا الفلسطينية بشكل خاص وعليه أيضا أن يتحلى بشيء من الحنكة السياسية التي تؤهله لرفع لواء الأمانة ويصونه جيدا لا أن ينبهر بغنائم السلطة وشكلها الخارجي ويلغي الجوهر الذي يخدم من خلاله مصلحة شعب يستحق الحياة الكريمة بعد كل الذل والهوان الذي عاشه ويعيشه بشكل أكبر تحت حكم ذوي القربي ..

كل الحسرات سأطلقها اليوم على القضية والشعب .. وكل الأسى سأخطه على ساحات وشوارع ومخيمات فلسطين التي يحكمها اليوم أناس وضعوا أنفسهم بالمكان غير المناسب، وكل اللوم ألقيه اليوم على كل فلسطيني دفع بهؤلاء أو أولئك إلى مواقع المسئولية ودافع أو يدافع عنهم بكلمة أو صوت أو رأي مضلل .. سأترك لكم الندم على ما فات وأدعوكم للانتظار ولدفع ذلك الندم على أمل بزوغ فجر جديد يأتينا بقيادة جديدة تستحق منا التأييد والدعم .. تصبحون على وطن ..

إبراهيم خضرة
4 نوفمبر  2009