الخميس، ١٣ أكتوبر ٢٠١١

ماشي "33" 1027 > 1

لا تتعجبوا .. أن تخرج أصوات حزبية برؤية ضيقة الأفق تنتقد وتقلل من حجم صفقة شاليط.. وأقول لهم لحماس كل الحق أن تلعب بأوراقها الرابحة وقتما تشاء، وهذه المرة تحديدا حققت إنجازا تشكر عليه ويحسب لها لأنها الحرية التي لا يعرف معناها إلا الأسير الذي عانى من ظلام السجن وظلم السجان .. 

وإذا قمنا بتوسيع الرؤية قليلا نجد أن هذه الصفقة على الرغم من أن حماس ساهمت في التخطيط لها والتفاوض حولها إلا أنها لا تحسب فقط لحماس إنما لكل فلسطيني في قطاع غزة تحديدا لأن الغزيين هم من دفعوا ثمن اختطاف شاليط منذ البداية بحرب وقصف وحصار ودماء شهداء وجرحى لم يكن لهم ذنب إلا أنهم مرابطون على تلك الأرض الطاهرة وتصدوا لمحاولات الاحتلال وسعيها في الحصول على جنديها الأسير ولو مقتولاً .. وعلى حماس أن لا تنسى أو تتناسى تلك المعاناة التي لحقت بأبناء الشعب الفلسطيني وإن كان ذلك فعلينا نحن أن نفخر بأنفسنا وأن لا ننسى أننا ساهمنا بإتمام تلك الصفقة ودفعنا ثمنها غاليا بصمودنا وتضحياتنا وأن نبتعد عن جلد ذواتنا بانتقاداتنا التي إن جاءت فستكون بلا أدنى شك من منظور عدم تأييدنا لحماس أو تعصبنا لانتماءاتنا الحزبية (ضيقة الأفق) وبغض النظر عن توقيت الصفقة وتفاصيلها وأبعادها السياسية إلا أنها تهدي الحرية لعدد لا بأس به من الأسرى البواسل الذين دفعوا أثمانا باهظة من حياتهم خلف زنازين الظلم والقهر بعيدا عن أهلهم وأحبابهم .. ولأنها كذلك علينا أن نقيم الأفراح والاحتفالات ونبتهج ونستقبل أسرانا البواسل كفلسطينيين وليس كحمساويين وأن نهمش ولو مؤقتا أدوارنا الحزبية وحقدنا الدفين على بعضنا البعض، وكما انتقدنا حماس لموقفها الرافض لما جاء في خطاب الرئيس محمود عباس التاريخي في مجلس الأمن وهو الذي قام بخطوة يعتز بها كل فلسطيني، سنقف هنا في وجه كل من ينتقد هذا الانجاز التاريخي .. فالانجازات الوطنية التاريخية حتى وإن أراد البعض تحزيبها وتحقيق مكاسب سياسية حزبية من خلالها فإنها في النهاية تعود بفائدتها على فلسطين والفلسطينيين ونحن جميعا ساهمنا بها وبتحقيقها فالشكر لمن ساهم بها ومن دفع ثمنها ..

الكيان الصهيوني يحتفل منذ الاعلان عن هذه الصفقة بإطلاق سراح جنديه الأسير بمختلف أطيافه منذ اكثر من خمس سنوات ونحن بالمقابل علينا أن نحتفل ونتوحد باحتفالاتنا أكثر منه بألف مرة وأن نتوقف عن جلد ذواتنا لنثبت للجميع أن حياة أبناءنا وحريتهم لا تقارن بحياة فرد منهم إنما تفوق ذلك بكثير وإن كانت رياضيا 1027 = 1 فإن المكسب بمفهوم الربح والخسارة  فرحة حقيقية لأكثر من 1000 عائلة فلسطينية مقابل فرحة لعائلة اسرائيلية واحد فقط وهو الأمر الذي افتقدناه كثيرا ونحن نودع الشهيد تلو الشهيد في حروب ومعاناة .. نحن اليوم سنستقبل ونرحب بحياة وحرية بدلا من وداع وتشريد وقتل .. 1027 > 1 دائما كنا نبكي ضحايانا أكثر منهم وتتألم أمهاتنا وأهالينا أكثر منهم في كل عمل عسكري أو مواجهة مباشرة وغيرها، واليوم تنعكس الاية لنحقق ربحا ولو معنوي على حساب الفرح والابتسامة بوعد الحرية ..

لأننا فلسطينيون علينا أن نبارك هذه الصفقة التاريخية أيا كانت توجهاتنا الحزبية ..
لأننا فلسطينيون فنحن أعلم الناس بمعنى الأسر والحرية وعندها علينا أن نثمن أي خطوة تأتي لإطلاق أي عدد من أسرانا البواسل ..
لأننا فلسطينيون علينا دوما أن ننظر لإنجازات أفرادنا وفصائلنا بشموليتها وليس فقط بمنظورها الحزبي الضيق ..

شكرا لكل فلسطيني .. شكرا لأهل غزة الأبطال .. شكرا لرجال المقاومة الفلسطينية الذين أسسوا لهذه الخطوة .. وشكرا لحماس وللدول الوسيطة التي ساهمت بإتمام هذه الصفقة .. وكل الرجاء أن تتم خطواتها بنجاح كامل .

دمتم أحرارا ..
12/10/2011



السبت، ١ أكتوبر ٢٠١١

ماشي "32" بين السياسة والرياضة

هل هناك فوارق في حقول العمل الإعلامي بين السياسة والاقتصاد والرياضة وغيرها ؟.
 في الأبجديات لا فوارق أو اختلافات، إنما في التفاصيل تتكشف بعض الحقائق التي يلمسها من جرب ممارسة العمل الإعلامي في أكثر من حقل وبشكل متخصص، وسأسرد لكم جملة من الفروق التي جعلتني ازداد يقينا بأن التجربة العملية هي خير وسيلة لحصد الخبرات التي تؤهل الفرد لاختيار الطريق الصحيح الذي يتطلع لخطه :
- في الإعلام الرياضي يتم نقل الحقائق والنتائج التي يحققها الأفراد والفرق الرياضية بمنظور الواقع .. وفي الإعلام السياسي تنقل الأحداث والحقائق بمنظور الأجندة السياسية التي تحملها وسائل الإعلام المختلفة بناء على رؤيتها للحدث.
- في الرياضة نجوم ومشاهير تماما كما في السياسة، لكن مشاهير الرياضة اكتسبوا تلك النجومية من خلال عطاءات وإنجازات قاموا بتحقيقها، بخلاف السياسة التي قد تضم مشاهير حققوا شهرتهم بلا عطاء يذكر وفقط من خلال العلاقات العامة التي جعلت منهم رؤساء أو وزراء وغير ذلك ..
- الإعلام الرياضي يحلل الأحداث الرياضية ويرصد اراء الخبراء التي تقرأ الواقع كما هو وتعطي كل ذي حق حقه، أما في السياسة يتم تحليل الخبر والحدث بناء على المعطيات التي تربط الفكر السياسي أو الحزبي لصاحب وسيلة الإعلام أو ممولها ..
- في الصحافة الرياضية ميول وانتماءات تجعل من الإعلاميين ينحازون أحيانا ويتعاطفون مع أنديتهم لكن في النهاية يتقبلون النتائج في الأغلب (بروح رياضية) ويحاولون تصحيح المسار ويقدمون انتقادا بناء في سبيل تقديم الأفضل، وفي الصحافة السياسية من الصعب أن تجد ذات الفكرة ويعكس الصحافيون في  السياسة غالبا توجهاتهم السياسية والحزبية بغض النظر عن مجريات الواقع الذي قد يتم تحويره في سبيل الدفاع عن رؤية الحزب السياسية تبعا للأجندة المتبعة .
- نسبة الحياد في نقل الخبر الرياضي أكبر بكثير منها في الخبر السياسي، بل قد تنعدم فكرة الحياد أساسا في وسائل الإعلام بما يتعلق بالحدث السياسي وبالتالي يتم تحوير الحقائق لمصلحة الأجندة السياسية الخاصة .

في النهاية تحتفظ السياسة برتبتها في قائمة حقول الصحافة لأنها تمس الواقع المعاش وتؤثر بمعطياتها على حياة الناس العامة، بخلاف الرياضة والحقول الأخرى التي تلقى اهتماما من فئة محدودة من المجتمع أيا كان حجمها .. وكل المنى أن يأخذ حقل السياسة في صحافتنا ولو جزءا يسيرا من حيادية الصحافة الرياضية في نقل الخبر وتحليله، وأن يستفيد مشاهير السياسة لدينا من مشاهير الرياضة هنا في المهنية والاحترافية التي يملكونها وفي التعاطي مع الأحداث ومبدأ الفوز والخسارة، والروح الرياضية ..
ومعا سأقترب منكم أكثر لفهم السياسة بلغة كرة القدم .. بكل روح سياسية .. قريبا

إبراهيم خضرة
01/10/2011


الأربعاء، ٢١ سبتمبر ٢٠١١

ماشي "31" لأنها حماس يا كريشان !

اليوم قرأت مقالة لنجم الجزيرة المتألق أمام الشاشة وخلفها محمد كريشان تحت عنوان (لماذا يا حماس؟) ذكر فيها أن "حماس لم تكتف بأن أضاعت هذه الفرصة التي كان يمكن أن 'تورط' فيها أبو مازن في 'معروف' لا يكلفها شيئا في الحقيقة لأنه جاء من منطق 'ألم نقل لك بأن لا شيء يرجى من هؤلاء؟!' بل سقطت في تصريحات عديدة متناقضة لقادتها ما كان لها أن تقع فيها لو ضبطت أعصابها أكثر"
هو سؤال منطقي جدا راودني كثيرا وتعجبت تماما كالزميل محمد والكثير من الفلسطينيين وغيرهم من المتابعين للشأن الفلسطيني، هو سؤال قد يعرض فيه أصحابه لنيران حماس وأنصارها التي تنطلق صوب كل من يخالفها الرأي أيا كان توجهه على مذهب (من لم يكن معي فهو ضدي) وعندما تحاول الإجابة عن هذا السؤال تجد الجواب مبطنا في عقلية الفكر القيادي لحركة حماس بعدما قررت خوض غمار السياسة .. تقرأ في تلك العقلية نوعا من الالتفاف على حقائق الواقع الذي قررت من خلاله تغيير نهجها من قيادة المقاومة التي لا ينكرها عاقل إلى قيادة العملية السياسية ناهيك عن التناقض والتخبط في الاراء الصادرة ازاء أي خطوة تقوم بها سلطة رام الله مهما اتفقنا أو اختلفنا معها .. وقد يعود ذلك لاقتران الحركة في الأدوار القيادية وشعورها خاصة بعد الفوز في الانتخابات الأخيرة أن ثقة الشعب عادت إليها رغم انتهاء صلاحية تلك الثقة مع نهاية فترة المجلس التشريعي الذي ما زال الكثيرين يتشدقون به ..
لا أقول هنا أن سلطة رام الله هي القيادة النزيهة للشعب الفلسطيني والذي تقوم دائما بخطوات صحيحة ونختلف معها كثيرا ومن تلك الاختلافات خوضها لهذه المعركة مع مجلس الأمن بلا أي جهد لتوحيد الصف وإقناع كافة الأطراف الفلسطينية المعارضة لهذه الخطوة .. لكن في النهاية عندما تكون المواجهة مع المجتمع الدولي فالتفكير المنطقي يقول أن نصطف مع القريب ضد الغريب رغم الاختلافات والخلافات، ثم بعد ذلك قد نتحفظ وندلي بدلونا على نتائج تلك الخطوة.. 

إبراهيم خضرة
21/09/2011


الاثنين، ١٩ سبتمبر ٢٠١١

ماشي "30" استحقاقات الدولة وأيلول !


 فلسطين الدولة تمر في تجربة جديدة تشكل حلقة في سلسلة مواجهة المجتمع الدولي والمطالبات بحقها في الاستقلال الذي طالما سعت إليه منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها عام 1964 و الاعتراف بها كممثل شرعي للفلسطينيين في الداخل والخارج، كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة حينها هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح إلا أن المنظمة تبنت فيما بعد فكرة إنشاء دولة ديمقراطية علمانية ضمن حدود فلسطين الانتدابية وكان ذلك في عام 1974 في البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني الأمر الذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتها حيث شكلت ما عرف بجبهة الرفض. في عام 1988 تبنت منظمة التحرير الفلسطينية رسميا خيار الدولتين جنبا إلى جنب مع اسرائيل في فلسطين التاريخية والعيش بسلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وبتحديد القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة، في عام 1993 قام رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير انذاك ياسر عرفات بالاعتراف رسميا باسرائيل في رسالة رسمية إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي انذاك إسحاق رابين، في المقابل اعترفت اسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، نتج عن ذلك تأسيس السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والتي تعتبر من نتائج اتفاق أوسلو بين المنظمة واسرائيل.

مرت القضية الفلسطينية بالعديد من المحطات التي أثرت كثيرا على مسار المفاوضات و كان للاحتلال الاسرائيلي نصيب الأسد منها من خلال إعاقة تنفيذ أي اتفاق يتمخض بعد حلقات من التفاوض الذي دأبت السلطة الفلسطينية على خوضها رغم الانتقادات الكثيرة من عدد من الدول التي عرفت كثيرا بدول الممانعة ومن الداخل الفلسطيني المتمثل في حركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2006 وما عرف بانقلابها انذاك على مقار السلطة في غزة بحجة عدم الاعتراف بنتائج تلك الانتخابات وتسليمها الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية، ونتيجة لذلك انقسم الشعب الفلسطيني جغرافيا للمرة الأولى في تاريخه إلى جزأين من المفترض أنهما يمثلان أركان الدولة الفلسطينية العتيدة، فوصلت القضية الفلسطينية لأخطر مراحلها المتمثل بعدم الاتفاق الفلسطيني رغم الجهود الكثيرة التي بذلت من عدد من الدول العربية إلا أن الحال بقي على ما هو عليه رغم التوقيع مؤخرا في مطلع شهر مايو ايار الماضي على اتفاق مصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين في القاهرة برعاية الجامعة العربية لم ينجح الفلسطينيون في تطبيق أبرز بنوده و المتمثل في تشكيل حكومة وحدة فلسطينية لحين عقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة لم يتم الاتفاق على موعدها بعد. نسخ الفلسطينيون خلافهم وانقسامهم الداخلي على كافة الأصعدة واثروا الخلاف على الوحدة في مواجهة المجتمع الدولي أو ما يعرف باستحقاق أيلول الذي قررت به منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة رئيس اللجنة التنفيذية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التوجه إلى مجلس الأمن الدولي بعد فشل جهود المفاوضات التي وصلت به إلى طريق مسدود مع القيادة الاسرائيلية المتمثلة حاليا برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اليميني الذي تحالف في حكومته مع الحزب الأكثر تطرفا اسرائيل بيتنا بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان والمعروف بمواقفه المتشددة والعنصرية اتجاه الفلسطينيين عموما ناهيك عن مسألة المفاوضات مع الجانب الفلسطيني.

عند الحديث عن النية الفلسطينية التي أعلنها الرئيس الفلسطيني صراحة في خطابه الأخير بالتوجه لمجلس الأمن طلبا لعضوية كاملة في مجلس الأمن يسوقنا لتاريخ من الخطوات الفلسطينية التي حاول بها الفلسطينيون انتزاع اعتراف المجتمع الدولي بكيانهم للتخلص من أطول احتلال في العصر الحديث ونيل الاستقلال لدولتهم، فقد تم إعلان دولة فلسطين مرتين خلال ستين عاما : كان الإعلان الأول عبر حكومة عموم فلسطين وهي حكومة تشكلت في غزة في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1948 وذلك خلال حرب تقسيم فلسطين برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي، حيث قام جمال الحسيني بجولة عربية لتقديم إعلان الحكومة إلى كافة الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية، وجاء في نص مذكرة الإعلان " بالنظر لما لأهل فلسطين من حق طبيعي في تقرير مصيرهم واستنادا إلى مقررات اللجنة السياسية ومباحثاتها، تقرر إعلان دولة فلسطين بأجمعها وحدودها المعروفة قبل انتهاء الانتداب البريطاني عليها دولة مستقلة وإقامة حكومة فيها تعرف بحكومة عموم فلسطين على أسس ديمقراطية" في الثالث عشر من نوفمبر تشرين الثاني عام 1974 ألقى الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات خطابا للمرة الأولى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون أول ممثل لمنظمة غير حكومية يلقي خطابا أمام الجمعية العامة، جاء هذا الخطاب بعد أيام من اعتراف الجامعة العربية بمنظمة التحرير كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني ، أكد عرفات في ذلك الخطاب التاريخي أن القضية الفلسطينية تدخل ضمن القضايا العادلة للشعوب التي تعاني من الاستعمار والاضطهاد واستعرض الممارسات الاسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وناشد ممثلي الحكومات والشعوب مساندة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره في تقرير مصيره والعودة إلى دياره وفي ختام كلمته قال " جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية الثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي .. الحرب تندلع من فلسطين والسلم يبدأ من فلسطين" وتم بعد ذلك منح منظمة التحرير الفلسطينية صفة "مراقب في الأمم المتحدة"

أما الإعلان الثاني فكان في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988 حيث تم إعلان قيام دولة فلسطين من المنفى خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر الذي أقيم في الجزائر، أعلن حينها رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات دولة فلسطين على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس، لكن لم يتم الاعتراف بهذه الدولة من قبل الأمم المتحدة. جاء في نص مذكرة الإعلان الذي قرأه ياسر عرفات في العاصمة الجزائرية "بسم الله وبسم الشعب أعلن قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .." و وافق الفلسطينيون للمرة الأولى وقتها بحل الدولتين والتفاوض على أساس قرارات الأمم المتحدة رقم 242 و 338 ودعوا إلى انسحاب اسرائيلي كامل من الأراضي المحتلة عام 1967، اعترف بدولة فلسطين حينها أكثر من مائة دولة حول العالم لكن الأمم المتحدة لم تعترف.

هذه المرة يتوجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن ليس بهدف إعلان جديد للاستقلال كما ذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه للشعب الفلسطيني عشية توجهه للمجلس بل بغرض تغيير الصفة التي لم تتغير منذ خطاب الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه المرة طلبا لعضوية كاملة في مجلس الأمن، وفي هذا الإطار حذر الرئيس عباس من رفع سقف التوقعات وطالب الشعب الفلسطيني بالواقعية التي تفرضها العلاقات الاسرائيلية مع دول عظمى قد تقف عائقا في حال التلويح بالفيتو المتوقع من الجانب الأمريكي بعد رفض الرئيس الامريكي باراك أوباما للخطوة الفلسطينية والقيام بخطوات ومحاولات لإعاقة الجهود الفلسطينية في التوجه إلى مجلس الأمن في، لكن هناك من يدعم تلك الجهود ويقف جنبا إلى جنب مع الموقف الفلسطيني فقد أوضح المسئولون الفلسطينيون إلى أن هذه الخطوات التي قمنا ونقوم بها لاقت دعما عربيا ودوليا وقد أشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه الأخير من رام الله قبل التوجه لمجلس الأمن أن أكثر من 126 دولة قررت الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد جولة مكوكية قام بها مسئولون فلسطينيون في سبيل حشد الدعم والتأييد لهذه الخطوة، لكن هذا الدعم توقف كثيرا عند بعض الفصال الفلسطينية على رأسها حماس ورغم تعامل القانون الدولي مع الأرض الفلسطينية بأنها أرض محتله وفقا للقانون الدولي، إلا أن اسرائيل لا تعترف بذلك وتتصرف على أساس أن هذه الأرض متنازع عليها وليست أرضا محتلة، وفي حال نجاح الفلسطينيين في خطوتهم القادمة يرى مراقبون أن معادلة الاحتلال القائم على الأرض الفلسطينية ستتغير على الرغم من عدم مبالاة الجانب الاسرائيلي ورفضه تطبيق مجمل القرارات والاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني، لكن الفلسطينيين هذه المرة يواجهون المجتمع الدولي وقد سبقتهم نماذج ليست بالبعيدة يؤكدون ضرورة الاستفادة منها ومن أبرزها جنوب السودان وكوسوفو، وقد صرح نبيل شعث مفوض الشئون الخارجية في حركة فتح والذي بذل جهودا كبيرة في الحصول على اعتراف العديد من الدول "لا يوجد ما يمنعنا من الاستفادة من تجربة كوسوفو وكل الدول الأخرى، واستخدام كل الحجج والقوانين، واسرائيل ليست شعبا أصيلا في المنطقة وأعلنت إقامة دولتها وهي الدولة الوحيدة التي كان الاعتراف بها من قبل الأمم المتحدة مشروطا بتنفيذ قرار التقسيم 181 بإقامة دولة فلسطينية على 44% من أرض فلسطين التاريخية وتنفيذ القرار 194 الخاص بعودة اللاجئين"


ويعني الذهاب للأم المتحدة الطلب منها التعامل مع دولة فلسطين، لا أن تعترف بالدولة كعضو كامل العضوية، لأن الأمم المتحدة لا تعترف بالدول وإنما تتعامل معها وآلية الاعتراف بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة تقوم على طلب فلسطين من مجلس الأمن الدولي التعامل معها كعضو كامل العضوية، وعناصر تكوين الدولة تقوم على الأرض والشعب وحكومة تطلب هذه العضوية، ويجب أن يحظى هذا الطلب بموافقة مجلس الأمن، وبعد الموافقة عليه يتم تحويله للجمعية العامة للأمم المتحدة لاتخاذ قرار القبول، وفي حال الرفض يمكن اللجوء للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تعترف بفلسطين كدولة، ولكن كعضو مراقب له حقوق جميع الدول، باستثناء حق التصويت، ولا يمكن أن تحصل الدولة الفلسطينية على عضوية المنظمة الدولية دون دعم من مجلس الأمن الذي تملك فيه الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، الاستخدام الأمريكي لحق النقض لن يقضي على محاولة الفلسطينيين الاعتراف بالدولة والعضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حيث يقول ميثاق الأمم المتحدة إن الجمعية العامة هي التي تعترف بالأعضاء الجدد، ولكن بتوصية من مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة تتمتع خمس منها هي بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا والولايات المتحدة بعضوية دائمة وبحق النقض. وأيا كانت نتائج هذه المواجهة الفلسطينية الدولية سواء بنجاح رسمي باعتراف مجلس الأمن ومنح العضوية الكاملة أو معنوي بمنح الجمعية العامة للأمم المتحدة لعضوية غير كاملة، أو باستجابة الجانب الفلسطيني لضغوط اللحظات الأخيرة وانسحابه من هذه الخطوة، فإن الأثر الأبرز سيكون في تحريك هذا الملف الذي عانى من الجمود كثيرا في ظل حراك غير مسبوق تشهده دول الجوار العربي داخليا .. ولا يمكن التكهن في ماهية الطريق الذي سيسلكه الطرفان في هذا الحراك أو لمصلحة من سيكون، هل ستكون فلسطين الدولة رقم 194 وتحصل على كرسيها في مجلس الأمن، أم سيعود المفاوض الفلسطيني إلى سابق عهده ويجني الاسرائيليون ثمار هذه الخطوة بمضاعفة الضغط الدولي على السلطة الفلسطينية !! هذا ما ستكشفه الساعات القليلة القادمة

19/09/2011
إبراهيم خضرة


الجمعة، ١٦ سبتمبر ٢٠١١

ماشي "29" ماشي

توقفت عن المشي في الفترة الماضية وسأل عدد من الأصدقاء عن السبب ولم أجد جوابا سوى الانشغال بمرحلة جديدة أخط بها مرحلة مهنية جديدة لا تخلو من المغامرة كالعادة ..

لكنني سأمشي مجددا بقلمي بعد إعادة شحنه بحبر يحكي واقعا نعيشه في حياتنا ويخط ألماً ينخر في يومياتنا وأملا نتلمسه بتجارب من حولنا ..
هي أفكار قد تروق للبعض وينتقدها اخرون لكنها في النهاية تمثل رأي فرد في المجتمع لديه رؤية في قضايا واقعنا المعاصر وعندما أكتبها فلا أفرضها على أحد، إنما أشارككم بها من خلال المشي عليها بقلمي (لا بقدمي)

سأحترم كل من يدلي بدلوه وسأستفيد كثيرا من ارائكم وتجاربكم حول ما سأكتب ولنثق جميعا بما لدينا من قدرات وأفكار فـ (قيمة كل امرئ ما يحسنه) أو كما قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه (واعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون، وقدر كل امرئ ما يحسن، فتلكموا في العلم تتبين أقداركم)

ودمتم
16/09/2011


الأحد، ١٠ يوليو ٢٠١١

ماشي "28" حرية الصحافة وصحافة الحرية !

من قال أن الحرية والديمقراطية تسمح لك أن تقول وتعبر عما بداخلك كيفما تريد و وقتما تشاء ؟! ومن قال أن بإمكان أصحاب السلطة والنفوذ أن يخطوا سياسات قنواتهم و وسائل إعلامهم بعيدا عن مراعاة حريات الاخرين بحجة أنهم يملكون سلطة رابعة أقوى من أي سلطة تنفيذية أو غيرها ؟!ومن قال أيضا أن لا حدود للحريات العامة إذا كنت تعيش في مجتمع ديمقراطي بطبيعته أو يسعى لتحقيق ديمقراطية زائفة أو جادة ؟!

اليوم تم إصدار العدد الأخير من صحيفة News of the World البريطانية بعد 168 عاما من الخدمة الإعلامية في حقل صحف التابلويد أو الفضائح أو الصحافة الصفراء بعد قرار إغلاقها من مالكها (روبرت مردوخ) بعد تعديها بشكل واضح وسافر على حريات اخرين من الفنانين والمشاهير والسياسيين وحتى المجرمين وضحايا الجرائم الأمر الذي أثر بشكل كبير على مجريات العدالة في بعض التحقيقات ومنها اختراق الصحيفة لهاتف فتاة تدعى ميلي دويلر (13 عاما) قتلت في عام 2002 قبل العثور على جثتها مما عرقل التحقيق في هذا الملف .. جاء هذا الإغلاق لصحيفة من أشهر الصحف البريطانية وأكثرها مبيعا بعد تضييق وملاحقات قانونية وسخط شعبي على سياستها وتعديها واختراقها للعديد من الحريات الخاصة اعتقادا منها أنها فوق القانون وأنها تمثل سلطة رابعة لا رقيب عليها، لكن بريطانيا أثبتت أنها امبراطورية القانون بعد أن أوقفت بحزم هذا السيل الجارف لامبراطور الإعلام مردوخ وهيمنته التي تعدت أخلاقيات مهنة الصحافة وحرياتها في هذه الصحيفة تحديدا ..

في الكثير من الدول العربية لم نصل بعد لمستوى الحريات العامة للصحافة والتعبير عن الرأي ومحاسبة المسئولين على فسادهم وأخطائهم السياسية ولم نصل أصلا لمرحلة أن تكون وسائل إعلامنا سلطة رابعة بالفعل تستخدم الحد الأدني من فضاءها المتاح إيجابا لتصحيح مسارات في حقول السياسة والاقتصاد والرياضة والمجتمع عموما ..
وفي الدول الغربية وتحديدا هنا في بريطانيا تخطت الصحافة مستوى الحريات العامة بشكل كبير و وصلت في بعض الحالات لما هو أبعد من ذلك فوقعت في المحظور كما جرى مع هذه الصحيفة العريقة والقديمة، والواقع الذي فرضته سلطة القانون في هذا البلد يعطي تعريفا واضحا لمفهوم الحريات بشكل عام وحرية الصحافة على وجه الخصوص وهو المفهوم الذي نذكره كثيرا بخلاف تطبيقه:
( تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الاخرين )

10/07/2011
إبراهيم خضرة

الجمعة، ٨ يوليو ٢٠١١

ماشي "27" يوم الختان

قمنا اليوم بتطهير (ختان) ابني الأول (تميم) تراودك مشاعر مختلطة وأنت تشاهد العملية التي تمت في عيادة خاصة هنا في لندن، بين الفرح والحزن على دموعه وبكائه الذي انطلق من حنجرته الصغيرة لأول مرة بهذه الشدة ..
كان وما زال عند البعض الاحتفال بهذه المناسبة له طابع خاص ومميز وتنطلق فيه الأهازيج والتهاني لكن الغربة تقلص حجم الفرح والتئام شمل العائلة والأحباب، لكن الفرحة تبقى وتتواصل وأنت ترقب وتترقب نمو طفلك في كل يوم بل وفي كل ساعة يشق فيها طريقه في هذه الدنيا، أنظر في عينيه كثيرا لأغرس بها الأمل في مستقبل أفضل يعيشه في أرضه الأم (أرض آبائه وأجداده) وهي تنعم بالسلام والأمان وأتسائل عن قدر لا يعلمه إلا الله الذي أسأله وأرجوه أن يكون الأفضل .. وأن يرزقه الصحة الدائمه ويبعد عنه كل الشرور، وأن يرزق كل أب وأم بالذرية الصالحة المعافاة ..

بحثت عن شاعر كتب في الختان فتفاجأت أن الشاعر المتألق المبدع أحمد مطر صاغ هذا الموضوع بطريقته التي جعلتني أبتسم كثيرا على وقع كلماته التي ختمها بأسلوبه الساخر .. القصيدة :


ألبسوني بُردَةً شَفّافَةً

يَومَ الخِتانْ .

ثُمَّ كانْ

بَدءُ تاريخ الهَوانْ !

شَفَّتِ البُرْدَةُ عن سِرّى ,

وفى بِضْعِ ثوانْ

ذَبَحوا سِرّى .

و سالَ الدَمُ في حِجْري

فقامَ الصوتُ من كُلِّ مكانْ :

ألفَ مبروكٍ

.. وعُقبى لِلِّسانْ !


طبعا أقول لا عقبي للسان .. والله يخلي لتميم لسانه وللجميع ليغرد به في عالم أجمل

إبراهيم خضرة
07/07/2011